ليله في ضيافة دراكولا

دراكولا مصاص دماء ؟; أم هكذا تخيله الكتاب والأدباء ؟أم كما هو الواقع ؟ 

“فلاد تسيبيش VLAD TEPES”   Ø£ دراكولا  يعترف بأنه بريء جدا ØŒ وأنه في الواقع  اقل دمويه من اصغر حاكم في العالم المعاصر !
وإذا كانت الصفة التصقت به  لكونه كان قاسيا مع أعدائه، والمجرمين، وقطاع الطرق ،والمتآمرين ،والخونة،   ولأنه كان يضعهم على الخاذوق.
فانه يعترف الآن ! ويتساءل أين هو من  زعماء العالم الحالي وصانعي حروبه؟  ، أمثال هتلر وموسوليني وبن لادن وغيرهم من قادة العالم  صانعي القتل والدمار .
 

في الطريق إلى قصره القريب من مدينة براشوف السياحية في رومانيا  . تترائ لك من بعيد “قلعة بران”  شامخة رابضة على تلة حديقة واسعة غناء تحيط بالقصر من جميع جوانبه ويخترقها جدول صغير يغذي البحيرة التي تقع في وسطها ØŒ ومدخل كبير درجاته مرتفعة يقودك إلى الباب الرئيسي ØŒ   من هناك  تبدأ جولتك في غرف ودهاليز القلعة Ù€ تتخيل كيف كان يعيش الأسطورة  ” فلاد الثالث” .  وكيف كان يفضي أوقاته  تنظر من النافذة فترى نفس المشهد الذي كان يراقبه قبل ما يزيد عن نصف قرن. تقترب من كرسيه الذي كان يجلس عليه ويصدر الأوامر وأحكام الإعدام.  وتلمس سريره الذي كان ينام فيه قرير العين بعد أن أزهق أرواح المئات .
النور في كل مكان ليس هناك توابيت ولا أقبية تملؤها الخفافيش ـ  فجأة يظهر لك من خلف الأبواب المغلقة مرحبا ، تجحظ  عيناك  ،وتتسارع ضربات قلبك ،وتتسمر في مكانك،  وتمتم شفتاك فلاد ! دراكولا  ؟مصاص الدماء !؟!؟!؟ يجيبك بلغته الرومانية أنا فلاد ولست مصاصا للدماء .
 

وربما تكون أنت العاقل الوحيد  الباقي  في  هذا الكون المجنون . وتصدقنى
 

ولدت في شهر ديسمبر عام 1431  في مدينة “سيكشوارا SIGHISOARA”
Ùˆ في تلك الفترة كان يتصارع للسيطرة  على “فالاهيا  VALAHIA ” وهي الإمارة الجنوبية في رومانيا  قوتان القوة الأولى هنغاريا ومن خلفها الإمبراطورية الرومانية  والثانية الإمبراطورية العثمانية .
 

عشت طفولة هادئة في كنف والدي الأمير “فلاد دراكول VLAD DRACUL”  ومع اخوتي “ميرشا    MIRCEA  “. Ùˆ “رادو RADU “   . وأول تغيير في مسار حياتي كانت حين انتقلت  إلى بلاط السلطان العثماني ” مراد الثاني “  مع أخي الأصغر “رادو”  . وبقيت هناك لمدة ست سنوات كرهينة سياسية كما كانت عادة الأتراك آنذاك  في المناطق التي يحتلونها،  حيث يفرضون الجزية على حكامها ويأخذون أولادهم كرهائن لضمان ولاء الحكام.
 

كانوا يدعونني “فلاد الثالثVLAD III”   أو  “فلاد دراكولا “ VLAD  *  DRACULA    وتعني فلاد ابن دراكول،  أو  فلاد ابن التنين , حيث أن والدي كان عضوا في  منظمة جماعة التنين وهي  تحالف من نخبة الفرسان والجيوش للقضاء على الأتراك ،  والتنين  (الدراكون) كان شعارَ تلك الجماعة ،  وشعار التنين كان يرمز للشر والقوة المدمرة.واستخدم والدي الشعار كعلم لإمارته فدعي ب “فلاد  دراكول “  .
 والدي كان حاكما عسكريا  Ù„ فلاهيا عين من قبل الإمبراطور  الروماني الهنغاري الأصل  ” سيجيسموند SIGISMUND “. أما جدي ” BASARAB”  فهو مؤسس إمارة فلاهيا الرومانية .
 

*(التنين في اللغة الرومانية ” دراك  DRAC ” وأيضا نفس الكلمة تستخدم لوصف الشيطان  وبإضافة ال التعريف تصبح  “دراكول DRACUL “  وإضافة  اللاحقة ” ِA” ابن  إليها تصبح “دراكولاDRACULA”  وقد استخدم أعداء فلاد الثالث  المعنى الثاني للكلمة وهي الشيطان ) .
 

ويتابع دراكولا : في تركيا تعلمت أساليب القتال وفنونه وإدارة المعارك والعلوم العسكرية وخلال 6 سنوات تحولت إلى رجل عسكري .
 ويضيف  ” نقطة التحول الأساسية في حياتي كانت صدمتي بقتل والدي،  ودفن أخي الكبير ” ميرشا ”  حيا  من قبل النبلاء في منطقة ” فالاهيا ” ØŒ حينها قررت الانتقام من جميع هؤلاء الأوغاد وتلقينهم دروسا في فنون التعذيب ØŒ والأخذ بثأري  وأقسمت أن لا يهنئ لي عيش حتى أريهم  باس عائلة فلاد مؤسسة امارة فالاهيا .
بمساعدة الباشا مصطفى حسن التركي اعتليت عرش إمارة والدي وأجدادي للمرة الأولى. وسيطرت على الإمارة واتخذت قصرا في “  تيركوفيشته TIRGOVESTE “. مقرا لإماراتي . وقررت أن تكون رومانيا قوة عظمى كما هي الدولة العثمانية والإمبراطورية البيزنطية لذلك شرعت في تطبيق أحلامي.
¼br /> ويتابع  في بداية حكمي قمت باعتقال قتلة والدي وأخي ، وهم نبلاء المنطقة مع عائلاتهم .  وقمت بتعليق زعمائهم على أعمدة الخوازيق ،  وذلك لا إدخال الرعب في قلوب أعدائي،   وانتقاما لشرف عائلتي التي دنسها هؤلاء الرعاع لمصالحهم  الضيقة .وعمالتهم بارتباطهم مع التجار السكسونيين الألمان ،حيث  كانوا يفترسون المواطن الروماني ويمتلكون الأراضي ويستغلونه .
 

أما بقية عوائلهم  فقد أجبرتهم على النزوح زحفا إلى منطقة ” بران ” والتي تبعد مسافة عدة كيلومترات.  وهناك أمرتهم بتشييد  هذه القلعة ” قلعة بران”  والتي تسمى اليوم باسمي  قلعة دراكولا . وقمت بخلق طبقة نبلاء وطنية جديدة  لا ترتبط بالمستعمر ومصالحه ØŒ اخترتها من الفقراء والمخلصين لعائلتي .
 

ويؤكد دراكولا : في مملكتي كانت تؤرقني السرقات، وكنت اكره الكذب، والخيانات والمؤامرات ، لأنها سبب من أسباب تدهور الأمم .  فأصدرت قانونا بمعاقبة كل  خائن وجاسوس و سارق وكاذب وغشاش وزاني ، ومن لم يحترم القانون كانت عقوبته ( الخازوق ) .
وقد كنت احتفل في كل مرة أضع مجموعة من هؤلاء المجرمين  على الخوازيق واشرف شخصيا على تلك الحفلات وترتيبها وعلى هندسة وأشكال  الخوازيق ،  وكنت أفضل نسق الأشكال الهندسية الدائرية والمخروطية ،  وكان ارتفاع الرمح  أو الخازوق يدل على شخصية المعاقب ،  فكلما طال طول الرمح كانت الشخصية المعاقبة مهمة.
وما لبث أن  استتب الأمن في مملكتي حتى أنني وضعت كؤوسا من الذهب الخالص في ساحة ” تركوفشته ”  الرئيسية يشرب منها الغرباء ولم يقم احد طوال عهدي بمحاولة سرقتها.
 

في خطوات الإصلاح للجانب الاقتصادي لاحظت أن التجار يستغلون المواطنين الرومان، وخاصة التجار الألمان في مقاطعة ترانسلفانيا .  لذلك بدأت عملية الإصلاح والتطوير  فأصدرت أوامري بتطبيق القوانين على كل مخالف وتراوحت العقوبة وفق الجرم المرتكب فالزانيات يتم خوزقتهم من أعضائهم التناسلية ، والأرامل يتم تقطيع صدورهن . والسارق تقطع يداه وأرجله أو يتم صلبه . والتجار والمرابين يتم شقهم الى نصفين أو صلبهم  أو تسميرهم  أو تحميصهم على النار،  والمخالفين لقوانيني والخونة ، وأصحاب المؤامرات أقوم  بدفنهم  أحياء وخاصة إذا كان المخالف من طبقة النبلاء أو ينتمي بالقربى إلى احد منهم ؟
إذ أن صورة أخي لم تفارقني ،  وكان دائما يأتيني في الأحلام يطلب الانتقام . ويطلب مني أن أكون قويا وان لا أتخاذل ولا أشفق عليهم . وان كانت العقوبة المفضلة لدي والأكثر ردعا كانت المخوذقة .
 

كان الفقر عدوا لي فحاربته طويلا في مملكتي وأوجدت  فرص عمل لمن لا عمل لهم،  واعدت توزيع الثروات لأقتله الفقر،  فالفقر عدو التقدم  والحضارة  .
ويضيف دراكولا: ولكني فوجئت أن البعض لا يريد أن يعمل ويفضل الفقر والعاذة  على العمل الشريف ، أو بتعبير آخر يقف ضد مصلحة الأمة والوطن ، وهو عدو للشعب لذلك  فقمت بدعوة جميع الفقراء والشحاذون في مملكتي إلى حفل عشاء وبلغ عددهم بضعة آلاف،  ولان مملكتي ليست بحاجة إلى هؤلاء العاطلين ولكي لا ينقلوا عدوى تقاعسهم إلى من حولهم  ، فقد قمت بإحراق الجميع أحياء  فتخلصت مملكتي من عبئ ثقيل وبدأت لدى عملية التقدم .
 

ويؤكد دراكولا : كنت أسعى جاهدا لبناء رومانيا العظمى وتوحيد إماراتها وخلال العام 1456 وحتى 1462 تمكنت من خلق الدولة المثالية ،  وتخلصت من حوالي 100 ألف شخص كانوا عبئا على التقدم والحضارة والتطور .

وفي عام 1462 وبعد ان أنهيت بناء جبهتي الداخلية  دولة قوية وجيش يعتد به  بدأت بمقاومة الاحتلال  لأراضي بلادي ، ورفضت دفع الجزية ، وحاربت وانتصرت في جميع معارك التحرير التي خضتها من اجل حرية رومانيا وشعبها على طول نهر الدانوب  .

ولكن قوى الاستعمار وعلى رأسها السلطان محمد الثاني لم تتركني حيث انه  قام  بتجهيز جيش كبير عدده أضعاف جيشي  وهاجمني بغتة،  فاضطرت للانسحاب إلى قلعتي ، وقمت بإتباع سياسة الأرض المحروقة فحرقت جميع القرى التي انسحبت  منها ، وسممت جميع الآبار في الأراضي التي تركتها ، فلم يجد الجيش المحتل طعاما ولا شرابا فأنهك جسديا .
وحين وصل إلى المدينة تابعت حربي النفسية معه  فنصبت على الخوازيق 20 ألف أسير تركي  كسبتهم من معاركي السابقة  وذلك لإرهاب الجيش الغازي  فيما سمي فيما بعد تاريخيا ب “غابة الخوازيق ” . وتخلصت في نفس الوقت من إطعامهم وحراستهم .
 وكان لي ما أردت إذ أن الجوع والعطش والخوف والرعب فتك بالجيش المعتدي ،  فاضطر السلطان  إلى الانسحاب بعد أن تحطمت معنويات جنوده ، إضافة إلى أنني أرسلت لهم تحت جنح الليل جنودا يرتدون اللباس الأسود فقاموا بذبحهم في منطقة الرقبة وتركهم ينزفون حتى الصباح.
 

ويتابع دراكولا حديثه قائلا: لكن الأتراك يتصفون بالعند والمثابرة فما لبثوا أن أرسلوا جيشا بقيادة أخي ” رادو ” بعد أن وعدوه  بتنصيبه ملكا على ” فالاهيا ”  فتم وبخيانة عدد من المحيطين بي من محاصرة قلعتي قلعة بويناري.
 

زوجتي الجميلة  لم تحتمل الموقف  فألقت بنفسها من شرفة القصر لكي لا تقع في قبضة الأعداء.  وأنا هربت  من سرداب سري إلى الجبال حيث ساعدني  بعض الشرفاء الذين لم يبيعوا نفسهم للأعداء،  وأوصلوني  إلى إمارة  ترانسلفانيا وهناك طلبت مقابلة الملك الهنغاري” ماثياس جيرنيس  MATHIAS GERINAS ” .الذي قام باعتقالي وسجني.
 في السجن كنت احلم دائما بالانتقام ممن خانوني وكنت أتخيل الحشرات والجرذان أعدائي،  فأقوم بصلبهم وخوذقتهم ، وتقطيع أوصالهم .
بقيت في هنغاريا لمدة 12 سنة حتى وفاة أخي رادو 1474 وذلك لأنني لم أفكر يوما ما في أن اختلف مع أخي على الحكم  ØŒ فسواء كان هو أم كنت إنا فان  “فالاهيا ” يحكمها أبناؤها ولا يحكمها الغرباء .
وفي عام 1475  كونت جيشا استعدت بواسطته العرش من الأتراك،  وحكمت “فالاهيا” مرة أخرى ولكن السلطان التركي ما لبث أن شكل جيشا وتمكن من دحري بسبب خيانة احد المقربين إلي من النبلاء ØŒ وتم جز راسي وتعليقه بمسمار  لعدة أيام أمام العامة . ودفن جسمي في منطقة  ” سناجوف  ” قرب العاصمة بوخارست.
 أنا أمير فالاهيا وملكها  حبسني خيال الأدباء وسجني رعب البشر وجعلوني حبيس النهار وصديق الليل،  رغم أنى اعشق الشمس والنهار وكنت دائما اكره الليل لأنه غامض مريب تحاك فيه المؤامرات،
 وأنا كنت واضح جدا ومخلص في التزاماتي تجاه أبناء مملكتي  لكن كأي اقطاعى  فى ذلك  الزمان أو كاى حاكم في هذا الأوان ، استغل البعض اسمي وارتكبوا كل الجرائم اعتمادا على أن التاريخ لا يحاسب إلا الكبار وبالفعل كل ما اقترفوه التصق بى رغم انه ما كان يوصلني منهم إلا الفتات.
بالطبع هذا اللقاء  لم يكن من صنع الخيال  ولا محاولة لإلغاء الفكر ولا كشف جنوح خيال القصاصين،  ولكن هذا الكلام أتى على لسان احد أقارب الأمير فلاد الثالث والذي كان شديد الشبه به بل هو  النسخه الثانيه ، وهو الذي مد يده إلي مصافحا  عندما قرأ في عيني فزع ورعب وخوف  الداخل إلى مجهول عرين مصاص الدماء الشهير وهو الذي اصطحبني بجولة رافقت حديثنا  في أركان القلعة .
 

محطات تاريخية في حياة مصاصي الدماء
 

 1400 -1440  اقدم جيليس دي رايس من  وكان في بلاط الحاكم جوان آرسي في شمالي شرقي فرنسا على دراسة الكيمياء القديمة املآ منه في إيجاد علاج لإطالة حياة الإنسان إلى مالا نهاية واستخدم لهذا الغرض دماء أكثر من ثلاث مائة طفل في تجاربه.
 

1600- 1611 كانت زوجة الكونت فرانسيس نادلي الذي قضى حياته في محاربة أعداء بلده تقوم باختطاف الفتيات الريفيات من القرية وتحبسهن في قلعة وتستخدم دماءهن للشرب والاستحمام قناعة منها بأن الدماء تمنحها الشباب والنفوذ والقوة وفي 1611 استطاع عدد من جنود القلعة السيطرة عليها ووجدوا قبواً تحت الارض مليئا بجثث الفتيات اللواتي تم تعذيبهن وقتلهن بطرق وحشية.
 

1847 ولد الكاتب Abraham Stoker في ايرلندا ودرس الرياضيات وكتب عدة مؤلفات أهمها “دراكولا  مصاص الدماء” اعتمد في روايته على قصة حياة ” فلاد دراكولا الروماني”   وقد أسس بذلك الأسطورة الخيالية المعروفة حاليا لدراكولا والمرتكزة على قصته الخيالية  في مص دماء ضحاياه.
 

 1931 خرج فريق للتنقيب عن جثة دراكولا في منطقة “سناكوف ” ولكن لم يجدوا إلا عظام لحيوان وليس لإنسان ولم يكن التابوت الذي دفن فيه موجودا!
 2001  تم إنتاج أشهر الأفلام عن مصاصي الدماء بطولة توم كروز وبراد بيت
Interview with the Vampire

تحقيق : مازن رفاعي 

Check Also

Biden condemns Iran’s strike on Israel: A case study in imperialist hypocrisy

The imperialist powers have responded to Iran’s strikes on Israel Saturday with an outpouring of …